الصفحة الرئيسية › قضايا و حوادث
قضايا و حوادث
أمام جامع الفتح، متحجبات يندّدن بموجات التكفير ويؤكدن: «الاسلام براء من هؤلاء والسيـاسة هـي السـبـب»
نشر في 15 جانفي 2014 (11:17)
يبدو أن حملة التكفير ليست إلا في بدايتها، فما من مرة تهدأ فيها الأجواء قليلا سواء في رحاب المجلس الوطني التأسيسي أو في البلاتوهات التلفزية حتى يطالعنا أحدهم اما بفتوى غريبة عن مجتمعنا التونسي وعاداته وتقاليده أو بتكفيره لغيره بناء على أحكام وأراء شخصية او خدمة لأجندات سياسية معينة ولعل ما شهدته الساحة السياسية في الأونة الأخيرة من تكفير النائب عن حركة النهضة الحبيب اللوز للنائب عن حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد المنجي الرحوي وما نجم عن ذلك من فتوى اهدار دم هذا الأخير يدفعنا مرة اخرى الى دق نواقيس الخطر واشعال الضوء الأحمر في وجه المكفرين وكل من يحاول ان يحل محل الله ليحاسب هذا ويجازي ذاك ويصنف العباد ويقسمهم بين مسلمين وكفار.
اخبار الجمهورية تحولت اثر صلاة الجمعة الفارط الى جامع الفتح بالباساج وتحدثت الى بعض النساء اثر مغادرتهن للمسجد، لنطرح على كل واحدة منهن سؤالا حول رأيها في موجة التكفير التي بدأت تطفو على السطح، فكان أن نددن بحملات التكفير والعنف اللفظي وقدمت كل واحدة منهن تفسيرها وموقفها، ولئن رفضت النسوة مدّ اخبار الجمهورية بصورهن بل امتنعت اكثر من واحدة عن مدنا باسمها الحقيقي فإنّنا لمسنا لهن عذرا ونقلنا في المقابل ما صرحن به لنا بكل امانة ومصداقية وندعوكم لاكتشاف ما جاء على لسان مرتادات جامع الفتح حول ظاهرة التكفير
وحدتنا تقضي على الظواهر الجديدة
في بداية جولتنا التقينا بالسيدة محبوبة التي عبرت عن استغرابها وحزنها نتيجة ما وصلت اليه تونس وخاصة محاولة بعض الأطراف بثّ الفتنة والبلبلة وتقسيم الشعب التونسي الى مسلم وكافر وقالت: كلنا نشهد ان لا اله الا الله وان محمد رسول الله وجميعنا نتّبع الدين الاسلامي سواء المحجبة او غير المحجبة».
من جهتها اضافت الحاجة سعاد ان الله وحده هو الذي يحاسب عباده قائلة:» الله هو احكم الحاكمين، ولا يمكن لاي عبد من عباده ان يصدر احكامه على غيره او ان يكفره ويصنفه ان كان مسلما ام كافرا» واكدت الحاجة سعاد ان المظاهر غالبا ما تكون خداعة مؤكدة ان ايمان المسلم في قلبه وليس مطالبا بالافصاح عنه خاصة بلباسه، وبينت محدثتنا ان المطلوب اليوم من الشعب التونسي هو الوحدة حول مصلحة تونس وان يضعوا ايديهم في ايدي بعض وقالت: «واعتصموا بحبل الله ولا تفرقوا»، لذلك نحن مطالبون بان نساعد بعضنا البعض لا ان نتحارب فيما بيننا، ان التفرقة هي اساس هلاكنا وتشتتنا وسبب كل المشاكل التي تعاني منها تونس اليوم، صحيح ان الاختلاف في التوجهات والافكار امر ايجابي لكن لا يجب ان يصل بنا الامر الى اهانة بعض او تكفير بعض آخر دون ان تكون لدينا اي معطيات أو أدلة، كما أني أعتقد ان من يكفّر غيره قد كفّر هو الآخر لأنه حلّ محل الله فوق الارض..ختاما تونس دينها الاسلام وجميعا نحب ونغار على ديننا ولا يجب ان يعتقد البعض انهم اكثر ايمانا من البقية ولهؤلاء اقول ان الاسلام ليس بالقول بل بالافعال وبالتقيدّ باركانه بعيدا عن لغة التعصب والتكفير ..للاسف لقد ابتعدنا كثيرا عن اخلاق الاسلام ولعل السياسة هي السبب لقد كان الشعب التونسي وطيلة عقود يدا واحدة ولم تكن لدينا اي مشاكل خاصة العقائدية منها لكن وبعد الثورة طفت عدّة ظواهر نتمنى ان تزول بسرعة، كما أوجه رسالة الى السياسيين وهي ان الكراسي تزول ولا تظل سوى اعمالهم الحسنة لذلك ادعوهم ان يخافوا الله في هذا الشعب فدوام الحال من المحال.»
أفعال مناقضة للصفات
نزيهة وهي شابة كانت بصدد مغادرة المسجد صحبة صديقاتها اقتربنا منها وطرحنا عليها السؤال وبعد ترّدد أكدت انها غير راضية تماما عما تعيشه تونس مؤكدة انه من المؤسف جدا ان تستمع اليوم الى نائب عن حركة اسلامية يكفر زميل له في التأسيسي وقالت:للأسف ورغم ان البعض يدعون انهم متدينون اكثر من غيرهم الا ان افعالهم لا تدل على ذلك، فالاسلام لم يدعونا الى القاء التهم جزافا ثم ما ادرانا نحن بما يختلج الصدور.. لقد استغل البعض حالة الانفلات التي تعيشها البلاد واندفاع بعض الشباب غير الواعي لبث الفتنة واصدار فتاوى التكفير رغم ان الله وحده يحكم ويعاقب عباده وليس البشر لاننا جميعا غير معصومين من الخطأ، من جهة اخرى اريد الاشارة الى اني وكما اندد بموجات التكفير اطالب كذلك بعدم التهكم او السخرية ممن اختارت ارتداء الحجاب او النقاب او ممن أراد ارتداء القميص واطالة لحيته».
الاجتهاد في الدين سبب مشاكلنا
من جهتها رأت صديقة نزيهة وهي فاتن ان بعد الثورة اصبح لكل تونسي مفهومه الخاص للدين وللاسلام وانطلق الاجتهاد في الدين ليحرّم كل واحد ما يحلو له ويحلل ما يشاء مضيفة أن اسوأ ما عاشته تونس هو تقسيم البعض للشعب التونسي الى مسلم وكافر والى علماني وسلفي وجهادي مؤكدة أنّ هذه التقسيمات هي سبب الفتنة والفوضى التي تعيشها البلاد وقالت:» لقد كان الشعب التونسي متجانسا ولم نكن نعاني من مثل هذه الظواهر لكن وللاسف اساء البعض فهم معنى الحرية التي منحتنا اياها الثورة، فالحرية لا تعني الاعتداء على الآخر وتكفيره».
شأنها شأن كل جل النساء اللاتي تحدثنا اليهن أفادتنا فوزية بوحديد أنّ كل شخص حرّ في تصرفاته ومعتقداته ولا يمكن ان نفرض عليه القيام بواجباته الدينية سواء منها الصلاة او الحجاب كما لا يمكن ان نكفره وقالت» شخصيا استغرب كيف يعمد البعض الى تكفير الآخر لأنه لا يصلي على سبيل المثال، التونسي مسلم سواء كان يصلي ام لا وشخصيا هناك من ابنائي من يقوم بواجباته الدينية ومنهم من يرفض ولا استطيع ان اجبره لانه في نهاية الأمر هو حرّ في تصرفاته ولا يمكنني سوى طلب الهداية له، صدقونني اشعر بالحزن الشديد لما وصلت اليه تونس، واصاب بالاكتئاب كلما شاهدت نشرة الأنباء وما تتضمنه من أخبار وتصريحات محزنة واتهامات وحملات تشكيك وصلت حدّ التكفير.
الإسلام براء منهم هكذا استهلت السيدة ابتسام كلامها معنا مؤكدة أن اصرار البعض على تكفير غيرهم امر غير مقبول ويرفضه الشعب التونسي الذي طالما كان شعبا معتدلا، مضيفة أن كل من يكفّر غيره هو يعاني من جهل كبير في الإسلام وأصوله، وغير متمكن من العلوم الإسلامية، الأمر الذي جعلهم يأخذون ببعض النصوص دون بعض، أو يأخذون بالجزئيات ويغفلون القواعد الكلية، أو يفهمون بعض النصوص فهما سطحيا سريعا ومتسرعا، واضافت محدثتنا قائلة:» للاسف لقد طلب البعض العبادة وتركوا العلم، حتى خرجوا علينا بفتاوى نحن أبعد ما يكون عنها».
تحقيق: سناء الماجري